قوله صلى الله عليه وسلم :
(( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ))
أي لا تركن إليها ولا تتخذها وطناً ولا تحدث نفسك بالبقاء فيها
ولا تتعلق منها إلا بما يتعلق الغريب به في غير وطنه
الذي يريد الذهاب منه إلى أهله ،
وهذا معنى قول سلمان الفارسي رضي الله عنه:
أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم
أن لا أتخذ من الدنيا إلا كمتاع الراكب .
وفي الحديث دليل على قصر الأمل وتقديم التوبة والاستعداد للموت
فإن أمل فليقل إن شاء الله تعالى ،
قال الله تعالى :
{ولاتقولن لشئيءإني فاعل ذلك غدأ إلا أن يشاء الله} [الكهف:23-24].

وقوله صلى الله عليه وسلم :
(( ومن حياتك لموتك ))
أمره صلى الله عليه وسلم بتقديم الزاد. وهذا كقوله تعالى:
{ ولتنظر نفسٌ ماقدمت لِغد} [الحشر:18].
لا يفرط فيها حتى يدركه الموت فيقول :
{رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت} [المؤمنون:99:100].
وقال الغزالي رحمه الله تعالى :
ابن آدم بدنه معه كالشبكة يكتسب بها الأعمال الصالحة ،
فإذا اكتسب خيراً ثم مات كفاه ولم يحتج بعد ذلك إلى الشبكة ،
وهو البدن الذي فارقه بالموت ،
ولا شك أن الإنسان إذا مات انقطعت شهوته من الدنيآ واشتهت نفسه
العمل الصالح لأنه زاد القبر ،
فإن كان معه استغنى به وإن لم يكن معه طلب الرجوع منها إلى الدنيا
ليأخذ منها الزاد ،
وذلك بعد ما أخذت منه الشبكة فيقال له :
هيهات قد فات!
فيبقى متحيراً دائماً نادماً على تفريطه في أخذ الزاد قبل انتزاع الشبكة .
فلهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((وخذ من حياتك لموتك ))
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يهمنا النقد البناء والرأي العام
أضف تعلقيك / لكن تذكر أن يديك سوف تتحاسب يوم القيامة