رسالة وصلتني من صديقة عمر ... واستجابة لرغبتها أُرسلها اليكم
وأُهديها لإنسان غالي بعينه
هو يعرف نفسه ...
وأهمس اليه بـ
" ولوسوف يعطيك ربك فاترضي"
صدق الله العظيم
قصة واقعية
جاء في الرسالة ....
أنا سيدة في الثامنة و الثلاثين من العمر
نشأت في أسرة ميسورة الحال و عشت في كنفها حياة هادئة
إلي أن تخرجت في الجامعة ..
و عقب التخرج إلتحقت بعمل ممتاز يدر علي دخلا كبيرا ..
و أحببت عملي كثيرا و أعطيته كل اهتمامي ,
و تقدمت فيه سريعا حتي تخطيت كثيرين من زملائي .
و كنت خلال مرحلة الجامعة قد ارتديت الحجاب بإرادتي و اختياي
و بدأ الخطاب يتقدمون إلي
لكنني لم أجد في أحدهم مايدفعني للارتباط به
ثم جرفني العمل و الانشغال به عن كل شيءآخر
حتي بلغت سن الرابعة و الثلاثين
و بدأت أعاني النظرات المتسائله عن سبب عدم زواجي حتي هذه السن .
و تقدم لي شاب من معارفنا يكبرني بعامين ..
و كان قد أقام عقب تخرجه عدة مشروعات صغيرة
باءت كلها بالفشل .. و لم يحقق أي نجاح مادي
و كان بالنسبة لي محدود الدخل
لكني تجاوزت عن هذه النقطة و رضيت به
وقررت أنني بدخلي الخاص سوف أعوض كل ما يعجز هو
بإمكاناته المحدودة عنه.. و ستكون لنا حياة ميسورة بإذن الله.
و قد ساعدني علي اتخاذ هذا القرار أنني كنت قد بدأت أحبه ..
و أنه قد أيقظ مارد الحب النائم في أعماقي
و الذي شغلت عنه طيلة السنوات الماضية بطموحي في العمل
كما أنه كان من هؤلاء البشر الذين يجيدون حلو الكلام
و قد روي بكلامه العذب ظمأ حياتي .
و بدأنا نعد لعقد القران
و طلب مني خطيبي صورة من بطاقتي الشخصية
ليستعين بها في ترتيب القران..
و لم أفهم في ذلك الوقت مدي حاجته لهذه الصورة لكني أعطيتها له.
و في اليوم التالي فوجئت بوالدته تتصل بي تليفونيا و تطلب مني بلهجة مقتضبة
مقابلتها علي الفور.. و توجست خيفة من لهجتها المتجهمة
و أسرعت إلي مقابلتها.
فإذا بها تخرج لي صورة بطاقتي الشخصية و تسألني هل تاريخ ميلادي
المدون بها صحيح ؟
و أجبتها بالإيجاب و أنا أزداد توجسا و قلقا
ففوجئت بها تقول لي: إذن فإن عمرك يقترب الآن من الأربعين .
و ابتلعت ريقي بصعوبة ثم قلت لها بصوت خفيض أن عمري 34 عاما.
فقالت أن الأمر لا يختلف كثيرا لأن الفتاة بعد سن الثلاثين
تقل خصوبتها كثيرا و هي تريد أن تري أحفادا لها من ابنها..
لاأن تراه هو يطوف بزوجته علي الأطباء
جريا وراء الأمل المستحيل في الإنجاب منها.
و لم أجد ما أقوله لها لكني شعرت بغصة شديدة في حلقي ,
و أنتهت المقابلة و عدت إلي بيتي مكتئبهة..
و منذ تلك اللحظة لم تهدأ والدة خطيبي حتي تم فسخ الخطبة بيني و بينه
و أصابني ذلك بصدمه شديدة .....
لأنني كنت قد أحببت خطيبي و تعلقت بأمل السعادة معه..
لكنه لم ينقطع عني بالرغم من فسخ الخطبة
و راح يعدني بأنه سيبذل كل جهده لإقناع والدته بالموافقه علي زواجنا..
و استمر يتصل بي لمدة عام كامل دون أي جديد ..
و وجدت أنني في حاجة إلي وقفة مع النفس و مراجعة الموقف كله..
و انتهيت من ذلك إلي قرار ألا أمتهن نفسي أكثر من ذلك
و أن أقطع هذه العلاقة نهائيا ..
و فعلت ذلك و رفضت الرد علي اتصالات خطيبي السابق.
و مرت ستة أشهر عصيبة من حياتي..
ثم أتيحت لي فرصة السفر لأداء العمرة
فسافرت لكي أغسل أحزاني فيبيت الله الحرام .. و أديت مناسك العمرة ..
و لذت بالبيت العتيق و بكيت طويلا
و دعوت الله أن يهييء لي من أمري رشدا
و في أحد الأيام كنت أصلي في الحرم
و انتهيت من صلاتي و جلست أتأمل الحياة في سكون
فوجدت سيدة إلي جواري تقرأ في مصحفها بصوت جميل..
و سمعتها تردد الآية الكريمة
و كان فضل الله عليك عظيما
فوجدت دموعي تسيل رغما عني بغزارة
و التفت إلي هذه السيدة و جذبتني إليها
و راحت تربت علي ظهري بحنان و هي تقرأ لي
سوره الضحى
بسم الله الرحمن ارحيم
(( إلي أن بلغت الآية الكريمة و لسوف يعطيك ربك فترضي ))
فخيل إلي أنني أسمعها لأول مرة في حياتي
مع أني قد رددتها مرارا من قبل في صلاتي.. و هدأت نفسي
وسألتني السيدة الطيبة عن سبب بكائي فرويت لها كل شيء بلا حرج
فقالت إن الله قد يجعل بين كل عسرين يسرا
و أنني الآن في العسر الذي سوف يليه يسر بإذن الله..
و أن ما حدث لي كان فضلا من الله
لأن في كل بلية نعمة خفية كما يقول العارفون
و شكرتها بشدة علي كلماتها الطيبة و دعوت لها بالستر في الدنيا و في الاخرة
و غادرت الحرم عائدة إلي فندقي و أنا أحسن حالا
و انتهت فترة العمرة و جاء موعد الرحيل
و ركبت الطائرة عائدة إلي القاهرة
فجاءت جلستي إلي جوار شاب هاديء الملامح و سمح الوجه
وتبادلنا كلمات التعارف التقليدية..
فوجدتني أستريح إليه و اتصل الحديث بيننا طوال الرحلة
إلي أن وصلنا إلي
القاهرة و انصرف كل منا إلي حال سبيله, و انهيت إجراءاتي في المطار ,
و خرجت فوجدت زوج أقرب صديقاتي إلي في صالة الانتظار فهنأني بسلامة العودة
و سألته عما جاء به للمطار
فأجابني بأنه في انتظار صديق عائد علي نفس الطائرة التي جئت بها.
و لم تمض لحظات إلا و جاء هذا الصديق
فإذا به هو نفسه جاري في مقاعد الطائرة و تبادلنا التحية
ثم غادرت المكان بصحبة والدي..
وما أن وصلت إلي البيت و بدلت ملابسي و استرحت بعض الوقت حتي
وجدت زوج صديقتي يتصل بي و يقول لي أن صديقه معجب بي بشده
و يرغب في أن يراني في بيت صديقتي في نفس الليلة لأن خير البر عاجله
ثم يسهب بعد ذلك في مدح صديقه و الإشاده بفضائله
و يقول لي عنه أنه رجل أعمال شاب من أسرة معروفة
و علي خلق و دين و لا يتمني لي من هو أفضل منه
لكي يرشحه للارتباط بي.
و خفق قلبي لهذه المفاجأة غير المتوقعة..
و استشرت أبي فيما قاله زوج صديقتي
فشجعني على زيارة صديقتي لعل الله جاعل لي فرجا.
و زرت صديقتي و زوجها
و التقيت بجاري في الطائرة و استكملنا التعارف و تبادلنا الإعجاب..
و لم تمض أيام أخري حتي كان قد تقدم لي..
و لم يمض شهر و نصف الشهر بعد هذا اللقاء حتي كنا قد تزوجنا
و قلبي يخفق بالأمل في السعادة
و حديث السيدة الفاضلة في الحرم عن اليسر بعد العسر يتردد في أعماقي .
و بدأت حياتي الزوجية
متفائلة و سعيدة و وجدت في زوجي كل ما تمنيته لنفسي
في الرجلالذي أسكن إليه من حب و حنان و كرم و بر بأهله و أهلي
غير أن الشهور مضت و لم تظهر علي أية علامات للحمل
و شعرت بالقلق خاصة أنني كنت قد تجاوزت السادسه و الثلاثين
و طلبت من زوجي أن أجري بعض التحاليل و الفحوص
خوفا من ألا أستطيع الإنجاب
فضمني إلي صدره و قال لي بحنان غامر أنه لا يهمه من الدنيا سواي..
و أنه ليس مهتما بالإنجاب
لأنه لا يتحمل صخب الأطفال وعناءهم
لكني أصررت علي مطلبي..
و ذهبنا إلي طبيب كبير لأمراض النساء و طلب مني إجراء بعض التحاليل
و جاء موعد تسلم نتيجه أول تحليل منها
ففوجئت به يقول لي أنه لا داعي لإجراء بقيتها
لأنه مبروك يامدام.. أنت حامل!
فلا تسل عن فرحتي و فرحة زوجي بهذا النبأ السعيد ..
و غادرت عيادة الطبيب و أنا أشد علي يده شاكرة له بحرارة.
و في ذلك الوقت كان زوجي يستعد للسفر لأداء فريضة الحج
فطلبت منه أن يصطحبني معه لأداء الفريضة
و أداء واجب الشكرلمن أنعم علي بهذه النعم الجليلة
و رفض زوجي ذلك بشدة و كذلك طبيبي المعالج
لأنني في شهور الحمل الأولي ..
لكني أصررت علي مطلبي
و قلت لهما أن من خلق هذا الجنين في أحشائيعلي غير توقع قادر
علي أن يحفظه من كل سوء
و استجاب زوجي لرغبتي بعد استشاره الطبيب
و اتخاذ بعض الاحتياطات الضرورية
و سافرنا للحج و عدت و أنا أفضل مما كنت قبل السفر..
و مضت بقيه شهور الحمل في سلام و إن كنت قد عانيت معاناة زائدة بسبب كبر سني
و حرصت خلال الحمل علي ألا أعرف نوع الجنين
لأن كل ما يأتيني به ربي خير و فضل منه
و كلما شكوت لطبيبي من إحساسي بكبر حجم بطني عن المعتاد
فسره لي بأنه يرجع إلي تأخري في الحمل إلي سن السادسة و الثلاثين
ثم جاءت اللحظة السحرية
المنتظرة و تمت الولادة و بعد أن أفقت دخل علي الطبيب
و سالني باسما عن نوع المولود الذي تمنيته لنفسي فأجبته
بأنني تمنيت من الله مولودا فقط و لا يهمني نوعه..
ففوجئت به يقول لي: إذن ما رأيك في أن يكون لديك
الحسن و الحسين و فاطمه !!
و لم أفهم شيئا و سألته عما يقصده بذلك
فإذا به يقول لي و هو يطالبني بالهدوء و التحكم في أعصابي
أن الله سبحانه و تعالي قد من علي بثلاثه أطفال
و كان الله سبحانه و تعالي قد أراد لي أن أنجب خلفة العمر كلها دفعة واحدة
رحمة منه بي لكبر سني
و أنه كان يعلم منذ فتره بأنني حامل في توأم
لكنه لم يشأ أن يبلغني بذلك
لكيلا تتوتر أعصابي خلال شهور الحمل و يزداد خوفي.....
و لم أسمع بقية كلامه فلقد انفجرت في حالة هستيرية من الضحك و البكاء
و ترديد عبارات الحمد و الشكر لله..
و تذكرت سيدة الحرم الشريف.. والآية الكريمة..
و لسوف يعطيك ربك فترضي..
و هتفت أن الحمد لله.. الذي أرضاني
و أسبغ علي أكثر مما حلمت به من نعمته.
أما زوجي الذي كان يزعم لي أنه لا يتحمل صخب الأطفال
و عناءهم لكي يهون علي همي بأمري
فلقد كاد يفقد رشده حين رأي أطفاله الثلاثة
و راح يهذي بكلمات الحمد و الشكر لذي الجلال و الإكرام
حتي خشيت عليه من الانفعال.
و أصبح من هذه اللحظة لا يطيق أن يغيب نظره عنهم.
و إنني أكتب إليك رسالتي هذه من أحد الشواطيء
حيث نقضي إجازة سعيدة أنا وزوجي و أطفالي
و لكي أرجوك أن توجه رسالتي هذه
إلي كل فتاه تأخر بها سن الزواج أو سيدة تأخر عنها الإنجاب
و تطالبهن بألا يقنطن من رحمة الله
--
الانتقال إلى موقع الويب الخاص بالمجموعة
إزالتي من القائمة البريدية للمجموعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يهمنا النقد البناء والرأي العام
أضف تعلقيك / لكن تذكر أن يديك سوف تتحاسب يوم القيامة